فيلم درامي رومانسي ليوم واحد
_ لطالما حاولتُ أن أقع في حب الأفلام الرومانسية، ومع هذا فشلت، الأمر ذاته يكاد يكون مع الأفلام الدرامية الرومانسية، رغم أنها تحتل الجانب الأكبر في مجال السينما. ولكنني بقيتُ أصاب بالضجر من الأفلام الدرامية الرومانسية، التي قد تجعلني أتحسّر أنني أضعت وقتي ساعة مشاهدتها، و في قرارة نفسي بقيتُ أناقض فكرتي؛ الأفلام، كالكتب، مع أن الكاف هنا الملتصقة بالكتب قد تجعل من الفيلم والكتاب مادة واحدة وهذا ما لا أعنيه؛ إذ أن الأفلام تقع في صف الكتب، والكتب تقع في صف الأفلام؛ الكتب والأفلام ليست بالمواد الثابتة، وهذا يعني أنه مثلما تكون هنالك كتب مُملة مُضجرة، تجعلني أفكر في قيمة الكتاب الذي ابتعته، وكان يمكنني شراء كتاب آخر من النوع الذي أُحب؛ كذلك هنالك فيلم مُمل، ولا نكهة فيه،وتفضّل لو أنك قضيت تلك الساعة في عمل أمر آخر، حتى لو كنت ستنام وستمضي ساعة من عمرك في النوم؛ إذ أن هناك فئة تظن أن النوم مضيعة للوقت، وأن المرء لايجب عليه أن ينام إلا عدد معين من الساعات.
مع هذا لا أعلم لماذا تجوّلت قبل ثلاثة أيام في متصفح الأفلام الذي أحمله معي في جهازي؛ كم تدهشني وتخيفني هذه التقنية والحداثة: السينما على سريرك! وقلّبت بصري بين قوائم وبوسترات الأفلام الجديدة، فوقع نظري على فيلم درامي. البوستر فاضح لماهية الفيلم، كما أن اسم الفيلم حتما لن يكون عنوانا لفيلم مرعب أو حتى فيلم غموض وخيال علمي.
ضغطتُ على اسم الفيلم، وبدأ يدور الفيلم ليبدأ. وضعتُ سماعة الأذن، وتمددتُ على السرير. لم أكن مُتعبة، ولم أكن أفكر في النوم حتى. كانت الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل ، وكنتُ أقرأ لبول أوستر، حين تركتُ كتابه جانبا، وبدأت أبحث في موقع الأفلام عن فيلم أنا حتى لا أعرف ماهو.
فيلم 2018 book club فيلم دراما رومانسي كوميدي. حول أربعة صديقات قد تجاوزن الخمسين من العمر؛ هذا ما كان ظاهرا عليهن: التجاعيد، قوام الجسم، لون الشعر، الخطوط حول العينين، خطوط اليدين، وخطوات المشي. اعتدن أن يتجمعن في نادي الكتاب الخاص بهن، ليتدارسن أمر كتاب كن قد اتفقن على قرائته ومناقشته، وتبدأ الحكاية حين وقع الإختيار على الكتاب المثير للجدل، والحسّاس، والذي أحْدث تغيرات كثيرة في مجرى حياتهن وسلوكهن.
كعادتي، لا أحبذ الخوض في حديث حول حكاية الفيلم؛ وأفضّل تجاهل الحكاية والتركيز على أمور أخرى.
ظننتُ في البداية أنني سأضجر في الربع الأول من الفيلم، وهذا ما كنت أنتظره: الضجر. ولكنه لم يأتِ، وقد تجاوزتُ الربع الأول والأحداث تسير بسرعة، كأي عمل دراميّ حقيقي، يُسلط الضوء على قضية/قضايا أو فكرة موجودة على أرض الواقع.
اعتدلتُ في جلستي، بعد أن كنت قد تمددت، وقد بدأت أدخل في صلب الجو السينمائي للفيلم، وتعجبني اللقطات، والتفاصيل، وحسن الإسقاطات التي اعتمدها مخرج الفيلم، والموسيقى التي أخذتني فوجدت نفسي بينهن، في نفس المدينة.
إلى أن وصل الفيلم إلى الربع الأخير، حينها، انتبهتُ إلى أنني أصبحت عاطفية وحساسة، وأن حديث إحدى الشخصيات قد أخذني للبكاء. أنا لستُ من النوع الذي يبكي عادة وهو يشاهد فيلما، ومع هذا كنت قد بدأت أنشج وأمخط أنفي، في الوقت ذاته فكرتُ في ( العلاقات) وكيف تسير في حياتنا، وكيف سالت، وانسابت وارتكزت على ثوابث جديدة.
إن مفهوم العلاقة مؤخرا ارتكز على مفهوم المضاجعة أو المشاركة مع الآخر، وأن العلاقة في جوهرها لن تتجاوز الحاجة أو الغاية، وإنه بدافع الحاجة لابد أن تتورط في علاقة مع الآخر، فأنتما محتاجان، سواء أعلنتما هذا أو فلا. ثم تأتي أزمة العمر، التي دائما ما تلمع في وجه العلاقات، وقد يتجاهلها الشباب بدافع شغف الحياة الملتهب يومها في داخلهم، ولكن بعد الأربعين أو الخمسين، سيدرك المرء أن العمر يشكل أزمة للفرد البشري؛ فهو لم يعد ذاك الشاب الجامح، ولم يعد بتلك الطاقة والحيوية؛ إنه أكثر حاجة، وأكثر حاجة للإرتباط.
بينما أوضح الفيلم أنه قد يكون معنيا للفئة التي تجاوزت عمر الشباب النشط، وأنه للناضجين؛ إلا أنني وجدت أن الفيلم قد حمل في عمقه الكثير من التساؤلات والأفكار المرعبة، ولا يمكنني أن أغفل عن الفكرة العامة التي سلّط الفيلم عليها الضوء وهي: كيف نمتزج مع ما نقرأ، ونتقمصه. كيف تشدنا شخصيات الروايات بقوة إليها، ثم حين ننفصل عن الكتاب وبدون أن ندرك نكون قد تقمصنا تلك الشخصيات وبدأنا نطبّقها على أرض الواقع؛ خاصة إن كانت الرواية التي تورطنا فيها رواية واقعية، ومعنيّة بما نعيشه.
أمر آخر لم أستطع تجاوزه في الفيلم؛ وهو كيف أن الفيلم صوّر الرغبة والحاجة/(الشغف) على أنها حاجة مُلحّة، من الصعب تجاوزها وتخطيها. وبقيتُ أفكر في الفكرة التي غلبت على طابع الفيلم وهي ( الحب) وما أطال السؤال فيني هي جملة مقتبسة من الفيلم:" الحب يظل مجرد كلمة، حتى يأتي أحدهم ويمنحها المعنى".
بعيدا عن أن الفيلم قد سلّط الضوء كذلك على فكرة ناد للقراءة، يجتمع فيه الأصدقاء والمهتمين لمناقشة ودراسة كتاب ما، وبعيدا عن هل نال الفيلم الدرامي الرومانسي مني مؤخرا، وبعيدا كليا عن حكاية الفيلم، أفكّر: كم عدد العلاقات اللواتي ظننا أنها علاقة حب عميقة، دائمة، ومع السنوات، وبينما كبرنا انتبهنا إلى أنها مجرد حدث طائش، أو تجربة كان لابد منها، وأننا لم نتورط بالحب بعد؟
وكم مرة تقمّصنا أدوار شخصيات من رواياتنا المفضلة، أو تلك الروايات المثيرة للجدل، ثم انتبهنا إلى أن العالم في الخارج لايمكن أن يشبه العالم في الرواية، وإن كانت رواية واقعية..
_ يبقى هذا الفيلم من ضمن الأفلام التي نرغب بمشاهدتها بعد يوم عملٍ منهك وشاق، بينما نتمدد على السرير، مبتعدين عن الضجيج المتصاعد؛ نضحكُ بقوة،من الفكاهة الدرامية الرومانسية التي تطغى على الفيلم، ونبكي دون خجل، ثم نغط في نوم عميق.
َ
_عائشة سُليمان /خَيال
جمييييييل يا عائشة يبدو أنه سيكون فيلم هذا المساء مع العلم بأنني أحب أساساً هذا النوع من الدراما التي تُشعرنا بالإنسان الوحيد داخلنا وتأخذنا بعيداً عن قسوة الحياة
ردحذف
حذفأتمنى أن تستمتعي به. وتجدي فيه شيء يلامسك🌺
احببته😀
ردحذف