عيد ميلاد سعيد ماري.


لطالما أحسست وأنا أحدّق في وجه الشاعرة والروائية الكندية مارغريت آتوود، بأنني أنظر في المرآة وأرى انعكاس وجهي؛ شعرٌ لا تملك صاحبته وقتا لتهذيبه، وإن كانت تملك الوقت في الحقيقة فهي حتما لن تقضيه في تسريح شعرها أو النظر إليه/ فيه. إذ أنه الخوف الدائم من فكرة أن تُلامس أصابعنا كائناتنا الخفيّة، التي اعتدنا أن ندسّها في شعر الرأس، ثم نُهمله_أي الشعر. مَنْ سيفكر في أمر تمشيط شعره، هو حتما سيفكر في شكل الخدوش وهي تتكون على وجوه إحدى الكائنات المندسة في شعر الرأس. سيجرح المشط حتما كائنا ثرثارا، لا نفكر يوما بخسارته، أو حتى التخلي عنه؛ إنه الكائن النشط للكاتب، والمفضل للشاعر. أو قد يُحدث مرور المشط على ظهر إحدى الكائنات المستلقية، والذي عادة ما يكون صامتا، ولا يتحدث إلا في أيام الحزن والعزاء. يرفع صوته بنبرة رجل دين يُلقي خطبة، قائلا: نكرر الجملة مجددا؛ إن الحياة ليست بتلك الحلاوة؛ إنها النحيب المتواصل، إلخ من ذاك الخطاب الذي يتكرر دائما، وتكون قد حفظته، لكنك مع هذا غير قادر على ترتيله على نفسك.
بينما عين مارغريت، تبدو لي أشبه بعين قطٍ أخافني مرةً وأنا في الثالثة والعشرين من عمري، لحظة كنت أقرأ في تلك الليلة الباردة إحدى الروايات، أظن أنني كنت أقرأ لكزنتزاكيس، وأتحدث مع صديق عبر الماسنجر، إذا بصوت يصدر من النافذة. النافذة التي كنتُ أنام بالقرب منها؛ إنها عادة قديمة، أضعُ سريري بجانب النافذة، وأتركها مفتوحة، أُنصت جيدا لكل شي. الليل أكثر صخبا من النهار.
فإذا بي أُلصق وجهي على النافذة التي لم تكن مفتوحة في تلك الليلة لأكتشف مصدر الصوت؛ لأن البرد كان قاسيا، ولم أكن أملك بطانية ثقيلة لتدفئتي. وجه قط يلتصق بزجاج النافذة، وقد اتّسعت عيناه، وأطلق صوتا، أرعبني، فركضت لسريري، وارتجفتُ، حتى نمت من الخوف، تاركة صديقي يقلق عبر الماسنجر؛ كان صوت إشعار وصول رسالة يصل لأذني.
إنها ذات العين، عين القط: الرعب، الفزع، القلق، الحزن، الخيبة، العاطفة الهشّة، الشجاعة، الجزع، والظلام الكثيف، والكثير من الخيال.

أنظرُ لصور مارغريت، مارغريت التي أحب مناداتها بِ(ماري)
وأنا أردد أغنية عيد الميلاد. إنه يوم ذكرى ميلاد ماري، ماري التي كلما نظرتُ إليها، أحسستُ بالفزع؛ الفزع حين تنظر لنفسك في المرآة عاريًا، وتكون كل جراحك مفتوحة، والنسيم يحرقها، ويدك تمتد لكل جرح، تتلمسه بأصابعك، فتُخرج دودة رأسها.

18/نوفمبر.
_عائِشة سُليمان _خَيال. 

تعليقات

  1. ما شاء الله على إبداع قلمك .. استمري وأتمنى أن نرى ما تكتبينه من جمال الكلمة في إصدار ..

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

"التّعبُ قصّة كاملة"/ قبالة التّعب، قراءةٌ في كتاب.

فارهو والصراع من أجل البقاء_ حول رواية دفاتر فارهو.