المشاركات

عرض المشاركات من نوفمبر, 2018

بول أوستر مُحدقا في المرآة_ حول سيرته حكاية الشتاء.

صورة
لطالما طالك الفضول لقراءة سيرة كاتب وقعتَ في غرامه،ومازلت تفغر فاهك في كل مرة تقرأ له عملا ما. لكنك ما إن تقبض على إحدى كتبه المنتمية لجنس السيرة الذاتية، حتى تشعر بأنك تُمسك بين يديك بالكاتب الذي لطالما أحببته،ليس لأن الكاتب يقول الكثير في كتابه؛ولكنه أنت من بدأت ترى كيف يُعرّي هذا الكاتب ذاته في كتابه. إنه يقشر نفسه،من دون أي خوف قد يعتريه، ومن دون أن يشوّه الذات الكاتبة أو يُعكّر صفو الصورة الذهنية للمتلقي. وحده بول أوستر من يكتب هكذا. هذا ما رأيته. كتب يوميات سرديّة بتقنية الفلاش باك. حوادث عادية يومية قادرة على أن تقلب موازين حياتنا وأحلامنا، أوستر سلّط عليها الضوء.يرى أوستر أن السرد يبدأ أولا في جسده ومن جسده وينتقل من الطفوله، الصبا، إلى الشيخوخة. يمكن القول أن ما تركه أوستر في هذه السيرة هو صورة بانورامية للإنسان والحياة، والجسد، الروح، وللغريزة، وللشيخوخة كذلك. كل هذا قد وضعه في قالب سرديّ لاهث. هذه اليوميات كثيرة الحركة، بل إنها لا تكف عن الحركة، تقفز وتتحرك، وتتسم بالعاطفة التي لطالما حاول أوستر إخفاءها. سيجد القارئ أنه يقف في منتصف أزمة الموت التي إتّكأ عليها أوستر حين ...

عيد ميلاد سعيد ماري.

صورة
لطالما أحسست وأنا أحدّق في وجه الشاعرة والروائية الكندية مارغريت آتوود، بأنني أنظر في المرآة وأرى انعكاس وجهي؛ شعرٌ لا تملك صاحبته وقتا لتهذيبه، وإن كانت تملك الوقت في الحقيقة فهي حتما لن تقضيه في تسريح شعرها أو النظر إليه/ فيه. إذ أنه الخوف الدائم من فكرة أن تُلامس أصابعنا كائناتنا الخفيّة، التي اعتدنا أن ندسّها في شعر الرأس، ثم نُهمله_أي الشعر. مَنْ سيفكر في أمر تمشيط شعره، هو حتما سيفكر في شكل الخدوش وهي تتكون على وجوه إحدى الكائنات المندسة في شعر الرأس. سيجرح المشط حتما كائنا ثرثارا، لا نفكر يوما بخسارته، أو حتى التخلي عنه؛ إنه الكائن النشط للكاتب، والمفضل للشاعر. أو قد يُحدث مرور المشط على ظهر إحدى الكائنات المستلقية، والذي عادة ما يكون صامتا، ولا يتحدث إلا في أيام الحزن والعزاء. يرفع صوته بنبرة رجل دين يُلقي خطبة، قائلا: نكرر الجملة مجددا؛ إن الحياة ليست بتلك الحلاوة؛ إنها النحيب المتواصل، إلخ من ذاك الخطاب الذي يتكرر دائما، وتكون قد حفظته، لكنك مع هذا غير قادر على ترتيله على نفسك. بينما عين مارغريت، تبدو لي أشبه بعين قطٍ أخافني مرةً وأنا في الثالثة والعشرين من عمري، لحظة كن...

في يوم مشمسٍ

صورة
تظن، وقد يتحوّل ظنّك لليقين إنْ طال أمدُ استمرارية الظنّ؛ إذ أن كل الأشياء قابلة للتحوّل تحت ظروف التمدد، والإستمرارية. تظن أنك لن تنمو مجددا بعد سن الثلاثين، وأن الأمر الوحيد الذي سيطرأ عليك هو تغيّر لون شعرك إلى اللون الفضيّ، أو كما ستقول الأبيض. هذا التغيير الذي سيجر خلفه الكثير من التقلبات عليك، ولن تكون قادرا على تجاوزها. قد ينجح البعض في تجاوز سن الثلاثين، أو تجاوز أزمة العمر، ولكنك حتما ستقف أمام وجهك الذي تغيّر، وأنت تنظرُ في المرآة كل صباح، متحسسا بأصابعك خطوط وجهك. ترتّب شعرك، تفكر في إضافة صبغة جديدة عليه؛ كي يكسب لونا جديدا، ولا يظهر اللون الفضيّ، المُقلق، المخيف، الذي يجعلك تتعرق وتنزوي في غرفتك، مُفكرا بجدٍّ بالأيام القادمة. ستنتبه لأول مرة لجرحٍ كُنتَ قد أصبت به ذات يوم، تمر تفاصيل ذاك الجرح على عينيك، فتبتسم، ثم يعبس وجهك وقد تبكي؛ إنك تظن أنه لم يعد بمقدورك أن تحصل على جرح مماثل لذاك الجرح، وأنت في هذا العمر _كنت قد حصلت على هذا الجرح وأنت تلعب الغميضة مع الصغار يوم كنت في العاشرة من عمرك، وقد تعثرت قدمك فوقعت أرضا على البلاط، وانسابت الدماء، وارتفع صراخك_ وأن كل م...

فيلم درامي رومانسي ليوم واحد

صورة
 _ لطالما حاولتُ أن أقع في حب الأفلام الرومانسية، ومع هذا فشلت، الأمر ذاته يكاد يكون مع الأفلام الدرامية الرومانسية، رغم أنها تحتل الجانب الأكبر في مجال السينما.  ولكنني بقيتُ أصاب بالضجر من الأفلام الدرامية الرومانسية، التي قد تجعلني أتحسّر أنني أضعت وقتي ساعة مشاهدتها، و في قرارة نفسي بقيتُ أناقض فكرتي؛ الأفلام، كالكتب، مع أن الكاف هنا الملتصقة بالكتب قد تجعل من الفيلم والكتاب مادة واحدة وهذا ما لا أعنيه؛ إذ أن الأفلام تقع في صف الكتب، والكتب تقع في صف الأفلام؛ الكتب والأفلام ليست بالمواد الثابتة، وهذا يعني أنه مثلما تكون هنالك كتب مُملة مُضجرة، تجعلني أفكر في قيمة الكتاب الذي ابتعته، وكان يمكنني شراء كتاب آخر من النوع الذي أُحب؛ كذلك هنالك فيلم مُمل، ولا نكهة فيه،وتفضّل لو أنك قضيت تلك الساعة في عمل أمر آخر، حتى لو كنت ستنام وستمضي ساعة من عمرك في النوم؛ إذ أن هناك فئة تظن أن النوم مضيعة للوقت، وأن المرء لايجب عليه أن ينام إلا عدد معين من الساعات. مع هذا لا أعلم لماذا تجوّلت قبل ثلاثة أيام في متصفح الأفلام الذي أحمله معي في جهازي؛ كم تدهشني وتخيفني هذه التقنية والحداثة: ...