المشاركات

عرض المشاركات من ديسمبر, 2018

فارهو والصراع من أجل البقاء_ حول رواية دفاتر فارهو.

صورة
كاميرا، يحملها الكاتب أو الشاعر مثلما يحملها المصوّر ليلتقط تلك الصورة الإستثنائية، والتي يرغب بأن يُريها للعالم أجمع ،صورة تُجسّد فيها كل المشاعر والعواطف، وتبعث رسالة شديدة اللهجة، قاسية، عاطفيّة، إنسانيّة هذه هي الصورة    المطلوبة وهذا ما فعلتهُ الكاتبة العُمانية ليلى عبدالله في روايتها الأولى، دفاتر فارهو. لقد ركّزت عدسة الكاميرا على لقطة وزاوية واحدة. إسقاطات سرديّة على حياة الأطفال اللاجئين، المشردين المهمشين. والحقيقة هي إسقاط سرديّ لتتبّع مصائر الهاربين عن الحرب، والفارين من المجاعات، والباحثين عن حياة طبيعية، مزدانة بالحرية والسلام، والأمن. إسقاط نفسيّ أشبه بدراسة ما يحدث خلف ما نظن أننا نراه بوضوح. ليلى في روايتها جسّدت الجحيم اللامرئي غالبا للمُنعمين، وللذين يكتفون فقط بتتبع الصور، و يصابون بالحزن لدقائق ثم يخرجون للإحتفال بصخب. ليلى أرادت نقل صورة، في لغة أدبية أتقنت التحكم بها جيدا. دفاتر فارهو، فارهو الطفل الصومالي، الذي حكى لنا في دفاتره كل الأسرار ، فارهو الراوي الذي استخدم في السرد لغة السخرية للتعبير عن وجعه. السخرية في التعبير هي اللغة الن...

قطٌّ عجوز ينتظرُ موته

صورة
صنعتُ لي كوب قهوة،وحملت معي الكتاب الذي أقرأ فيه هذه الأيام، وأنا أعلم يقينا أنني لن أقرأ ولو سطرا واحدا من الكتاب ما دمتُ أشرب أو أتناول حاجة ما؛ إنه الاضطراب الذي يتكوّن في رأسي وداخلي في كل مرة أُمارس عدة أفعال في وقت واحد. كل شيء يستيقظ، ويريد أن يثرثر. جميع الأصوات تريد أن تتحدث في وقت واحد، ولن ينصت لي أي صوت، وهذا يفزعني، ويدفعني للبكاء. أجلستُ الكتاب بالقرب مني؛ كصديقٍ خجول، لا يثرثر، ويكتفي بالمراقبة. أنت تحتاج هكذا أصدقاء في حياتك؛ صديق لا تسمع صوته إلا نادرا، يجلس معك، لكن مهمته أن يُراقب، يصطاد الحَركات، وإن تحدّث سيكتفي بقول جملة واحدة، تبقى ترنّ طويلا في أذنك. لا أجلس عادة وحدي؛ فالقطط التي تتسكع في المكان الذي أقضي فيه أيامي، تركض ناحيتي ما إن أفتح الباب، وأقعدُ على الدرج، مُراقبة السماء، والأشجار، والماشية التي ترعى بالقرب من الوادي. قطٌ يافع امتلأ جسده مؤخرا بعد أن أصبح قليل الحركة مكتفيا بالنوم وتناول الطعام الذي أُقدّمه له. قطٌ آخر  عجوز، يقضي أيامه الأخيرة، يسعل، يعطس، بالكاد يموء، ينتظر موته، وأنا أشرب قهوتي.  فكّرت في الحياة والموت وأنا أرتشف قهوتي، الت...